2020 سنة تغييرات عدة

 

all-change-is-not-growth-ellen-glasgow-quote

عند عودتي من رحلتي الأخير لبودابست، المدينة التي لطالما حلمت بزيارتها، سألني أصدقائي عن الوجهة القادمة، المدينة الجديدة التي أود اكتشافها والمغامرات التي أتوق إليها واجابتي كانت:

موسكو بالتأكيد

باريس

لندن مجدداً

أو ربما نيويورك يوماً ما..

بدأت السنة ببعض الأحداث المشوقة والمواقف الجميلة وطموحات عديدة و لكن سرعان ما مرت الأيام وفجع العالم بفايروس كورونا المستجد أو كما يسمى كوفيد -19 الذي شل حركة العالم بأسره.

توقفت حركة الطيران، أصبح الخروج من المنزل يقتصر على الضروريات فقط،  درس أطفالنا واخوتنا من المنزل واستمر عملنا نحن أيضاً من المنزل وبفضل التكنولوجيا كل شيء كان ممكنا ليستمر الإنجاز والعمل والاجتماعات.

ظننا بأن الأمر سيأخذ عدة أسابيع وسينتهي الكابوس لكنه لا زال مستمرا، بالرغم من أن الحياة بدأت تعود لطبيعتها تدريجياً لكن بمصاحبة طقوس من التعقيم والتنظيف المستمر ولبس الكمامات واتخاذ العديد من الإجراءات الوقائية الأخرى.

للبعض سبب هذا الوضع وحالة الهلع من الفايروس نوعاً من الضيق والتوتر وللبعض صاحب هذا التغيير في نمط الحياة تغييرات أخرى، قد تكون تغييرات أو تحديات وظيفية، فقدان للعمل أو مصدر الدخل، تضرر الأعمال وخاصة الناشئة منها ومن تجربة شخصية أستطيع أن أقول بأن أثر هذه التغييرات المفاجأة قد تكون أقوى من أثر الفايروس والحالة المصاحبة له.

ذكر أحد المتحدثين خلال البرنامج الذي شاركت به الأسبوع الماضي: ” إننا لا نحب التغيير بل نحب التغيير الذي نكون نحن مسؤولون عنه وليس التغيير المفاجئ الذي يقع خارج سيطرتنا”، أتفق مع كثيرا، لأن بعض التغيرات قد تسبب خيبة أمل وآلام يصعب تخطيها بسهولة

العمل من المنزل كان غريبا في بدايته لكن سرعان ما اعتدت على مساحتي الخاصة والعمل من مكتبي المنزلي الصغير. مساحة هادئة ودافئة، بعض الشموع وكوب قهوتي المصاحب لي بالتأكيد.

بعد المرور بهذه التجربة أستطيع أن أقول بأن العالم كان بحاجة ليتوقف قليلاً، انشغلنا بزخم الحياة والتخطيط للمستقبل لدرجة أننا لم نكن ندرك تلك التفاصيل الصغيرة التي كانت تجعل أيامنا أجمل

لم ندرك جمال وأهمية أحاديث القهوة مع الأصدقاء ودفئ قبلات وعناق الجدات وأحاديث العائلة وضحكاتها خلال عطلة نهاية الأسبوع

أشياء ببساطة صوت صلاة الفجر

كوب القهوة التي كنت اقتنيه صباحاً من المقهى المجاور للمبنى

تحيات الصباح لزملاء العمل

الوقفات السريعة عند متجر الايس كريم بعد يوم طويل

الزيارات السريعة لاقتناء الأزهار

صباحات السبت الهادئة في مقهاي المفضل برفقة دفتري وكتابي

والتخطيط لرحلات السفر والإجازة الصيفية

مر علينا شهر رمضان بغرابة وعيد بدون طقوسه المعتادة

نعود اليوم لممارسة أعمالنا، نبتسم رغم الظروف، ونأمل بأيام أجمل ومفاجئات أقل ألماً وبدون خيبات أمل

نعم كانت فترة زمنية صعبة ولكن بها العديد من المشاعر والأحداث والإنجازات أيضاً، لم أتصور يوماً أن أشارك في ورشة من غرفتي، أو أن أحضر دورة تدريبية على مدار أسبوع مع زملاء من حول العالم من بيتي في دبي. خضت حوارات ملهمة مع بعض الأشخاص، جربت العديد من المخبوزات، قرأت عدة كتب رائعة، وشاهدت أفلاماً ومسلسلات جميلة وقضيت وقت أكثر مع عائلتي.

قد يكون كورونا بنهاية المطاف ليس بذلك السوء فقد جعلنا نقدر الأشياء البسيطة من حولنا أكثر.

شخصياً علمتني التجربة حب مساحتي الخاصة أكثر وأنه مهما واجهت من تحديات وصعوبات تأتي يعدها تحديات قد أصعب ولا توازي أي مما خضته من قبل

أتمنى أن تكونوا بخير أينما كنتم على أمل أن نسافر مجددا

نتنفس من جديد

ونبتسم بقلب مطمئن

ريم


أضف تعليق